ناقشت كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد اطروحة الدكتوراه الموسومة (دور الحركات الاجتماعية في عملية التغيير السياسي في مصر عام 2011م: حركة كفاية وحركة 6 أبريل أنموذجاً ) للطالب (أحمد علي مخيلف) وتناولت الاطروحة الزخم الثوري والحراك المجتمعي عقب ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011م وما مثله من لحظات انكشافية عن الأزمة البنيوية لتنظيمات وائتلاف المجتمع المدني والاحزاب السياسية  بمصر, فقد نجحت السياسات الاحتجاجية من خلال خلق اطار واسع لحركة جماهيرية ومن خلال الالتفاف حول مطالب الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية, في كسب أرضية واسعة بين قطاعات مجتمعية مختلفة, وازاحة رأس السلطة, واسقاط الحزب الوطني الديمقراطي, وفرض معطيات واقعية جديدة, إلّا أنَّ التنظيمات الحزبية والاجتماعية الناشئة عجزت عن سد الفراغ السياسي الناشئ وطرح بديل قابل للتحقُّق, سواء للبُنى التقليدية السلطوية أو للمعارضة الاسلامية المنظمَّة المتجسِّدة في تنظيم الاخوان المسلمين, اذ فشلت الأحزاب السياسية والروابط المجتمعية الناشئة في بناء قواعد اجتماعية وشعبية واسعة من ناحية اولى, وطرح مشروع سياسي أصيل يستوعب مصالح الجماعات الاجتماعية المختلفة على أسس تعددية وتحررية من ناحية ثانية, وتطوير خطاب سياسي يتجاوز الصراع الوجودي التاريخي بين المعسكرين الاسلامي والعلماني من ناحية ثالثة.

ويُعدُّ سعي القوى المجتمعية في ضرورة ازاحة رأس السلطة المتمثِّل في الرئيس الأسبق (محمد حسني مبارك), ركناً أصيلاً لاندلاع الموجة الأولى للاحتجاجات الشعبية في كانون الثاني/ يناير 2011م, غير أنَّ مسألة هدم مؤسسات الدولة السلطوية لم تُمثِّل هدفاً أساسياً في الوعي الجمعي للجماهير المناوئة للنظام باستثناء بعض القوى اليسارية الراديكالية أو الفوضوية, فبدلاً من الاصرار على خلق مراكز قوة مستقلة وفرض واقع جديد يعيد صياغة المعادلة السياسية ويُحسِّن الوضع التساومي لقوى المعارضة الآخذة في التشكُّل, رضخت المعارضة السياسية لخيار القبول بسلطة المجلس العسكري ممثِّلاً عن الدولة ليحل محل مبارك على رأس الدولة, اذ فرض غياب قيادة للقوى المدنية تعمل على تأسيس نظام ديمقراطي جديد وتطهير الأجهزة البيروقراطية للدولة واعادة هيكلتها, خيار الرضوخ لشروط الوضع القائم دون السعي الى تغييره, وفي الوقت نفسه سارعت جماعة الاخوان المسلمين الى مهادنة المؤسسة العسكرية وخلق مساحات للشراكة في الحكم مع المؤسسات الموروثة من عهد مبارك على أمل السيطرة على هذه المؤسسات وتحويلها تدريجياً من خلال تأسيس شرعية انتخابية الى نظام لهم, فبدا وبعد أسابيع قليلة من تنحي مبارك أنَّ الأفق الاصلاحي هو المسار المتاح على وفق توازنات القوى القائمة لاسيما في ظل غياب تنظيمات أيدولوجية تعمل على خلق وتعديل أُطر استيعابية لمطالب الثورة.

إنَّ فشل التيار الاسلامي بمختلف تنويعاته التنظيمية والحركية الاخوانية والسلفية والجهادية في طرح مشروعات أصيلة لعلاج الأزمات البنيوية المتجذِّرة, واعادة تعريف معاني المواطنة وعلاقة الدولة بالمجتمع, وصياغة سياسات عادلة للتنمية, مكَّن الطبقة الحاكمة التقليدية من استعادة زمام الامور وحسم الصراعات الاجتماعية وتأدية دور المحكِّم وتحويل المعادلة السياسية الى مباراة صفرية مرة اخرى, وذلك من خلال الموجة الثانية للاحتجاجات الشعبية في 30 حزيران/ يونيو 2013م والتي أدّت الى انهاء حكم الاخوان المسلمين وعزل الرئيس (محمد مرسي) في 3 تموز/ يوليو من العام نفسه.وقد منحت درجة الدكتوراه للطالب بتقدير (امتياز) متمنين لجميع طلبتنا الموفقية والنجاح في حياتهم العلمية والعملية وذلك يوم الاثنين الموافق 17/6/2019 على قاعة الحرية .

Comments are disabled.