ناقشت كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد اطروحة الدكتوراه (دراسة في الاصول الفكرية لتنظيم (الدولة الاسلامية) في العراق وسبل المواجهة ) للطالب ( عادل حسن علي ) وتناولت الاطروحة: فهم طبيعة تنظيم داعش بشكل علمي والوقوف على مصادر قوة هذا التنظيم وخاصة الجانب الفكري ومعرفة العوامل الأخرى لهذه القوة سواء كانت ذاتية او وموضوعية،  لغرض الوصول الى سبل المواجهة، خاصة وان هذا التنظيم كان له بالغ الأثر على العالم والعراق تحديدا عبر تهديد كل معالمه ومكوناته ، كما ان العراق لازال جزء من استراتيجية هذا التنظيم او مثيلاته من بقية التنظيمات، ولا ينتهي التهديد بنهاية دولته عسكرياً وجغرافيا، بل ان الجانب الفكري والعقائدي هو الذي شكل نقطة الارتكاز في شرعيته وفاعليته، لذلك كانت الاشكالية الابرز هو تحديد (المنظومة الصلبة) التي اتخذها تنظيم داعش كمرجعية فكرية وعقائدية ، وماهي عوامل ظهورها ومراحل انتشارها، للوقوف على تحديد ملامح مواجهتها وعلاجها.

       ان وحدة الظروف بين عصر ابن تيمية والظروف التي يمر بها المسلمون السنة في العراق كانت دافعا ومبررا قويا  لتنظيم داعش في تبني فكر ابن تيمية كنواة صلبة ،  خاصة في حلم عودة الخلافة التي  شكلت مع غيرها من المفاهيم مرتكزات محورية في عقائد وافكار التنظيم مثل  الوقوف عند  حرفية النص، الشوكة والغلبة هي طريق السلطة والخلافة، التكفير والولاء والبراء والخلاف مع العلماء والمذاهب، والجماعة المنصورة او الفرقة الناجية.

     ان تاريخ السلفية في العراق يؤشر الى وجود وانتشار ضعيف وعلى مستوى افراد وعوائل وفي اطار دعوي ولم يتطور اكثر من ذلك ، ولكن ظهور وانتشار التيار السلفي الجهادي في العراق ومنها داعش بأحدث نسخه، تكاتفت وساهمت عوامل شتى في ذلك: داخلية وخارجية ، ذاتية وموضوعية، من الطائفية الكامنة في المجتمع وبنيته الى دور الفواعل الدولية والإقليمية وانعكاساتها على العراق مرورا بالفشل السياسي في البلد وتمنيته والعبور به الى بر الامان من خلال الوقوف على مشاكله الحقيقة والمتراكمة ثقافيا واقتصاديا وسياسيا، وكلها مهدت الطريق وشكلت التربة الخصبة لبذرة السلفية الجهادية التكفيرية التي انتجت تنظيم داعش عبر مراحل ثلاث، حيث كانت المرحلة التأسيسية بعد احتلال العراق 2003، على يد (ابو مصعب الزرقاوي) الذي ارسى ارضية هذا التنظيم واستخدام استراتيجية الاقتتال الطائفي، ومثل (ابوعمر البغدادي) قيادة المرحلة الثانية والتي شهدت فرض سطوة وقيادة العراقيين عبر عرقنة التنظيم وهو تطور تكتيكي مهم في جذب العناصر العراقية ذات الخبرات العالية في النظام السابق وكسب تأييد الحاضنة المحلية، وكانت مرحلة دولة الخلافة بقيادة (ابي بكر البغدادي) قمة تطور هذا التنظيم.

   يتضح ان سبل مواجهة  تنظيم داعش ينبغي ان تكون على عدة جبهات تستخدم فيها كل الأدوات الفكرية والسياسية والعسكرية والامنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية، مما يتطلب جهود وطنية تسهم بها كل المؤسسات و الاستفادة من خبرات الدول في مجال مكافحة الإرهاب خاصة وان صعود تنظيم داعش فرض أعادة تطبيق الأمن في الشرق الاوسط والخليج، ولكن يبقى العامل الحاسم في هذه المواجهة هو الجانب الفكري في هزيمة تنظيم داعش فعليا. وقد منحت درجة الدكتوراه للطالب بتقدير (جيد جدا”) متمنين لجميع طلبتنا الموفقية والنجاح في حياتهم العلمية والعملية وذلك يوم الاثنين الموافق 1/7/2019 على قاعة جهاد الحسني .

Comments are disabled.