ناقشت كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد اطروحة الدكتوراه (السياسة الخارجية الأمريكية تجاه شرق آسيا بعد عام 2012 وأثرها على التوازنات الإقليمية) للطالب ( اسماعيل ذياب خليل ) وناقشت الاطروحة التطورات السياسية وإلاقتصادية والعسكرية التي شهدها إقليم شرق آسيا مع بداية القرن الواحد والعشرين والتي تنذر بإختلال توازنات القوى الإقليمية القائمة لصالح الدول المناوئة للسياسة الخارجية الإمريكية، مما قد يهد مصالح وحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في الإقليم، فتمكن الصين في عام 2010، من إزاحة الإقتصاد الياباني والاحلال محله كثاني أكبر إقتصاد عالمي وما تبع ذلك من تحديث لقدراتها العسكرية ولاسيما البحرية منها بما يعزز دورها الإقليمي في شرق آسيا، فضلاً عن امتلاك كوريا الشمالية للقنبلة النووي واستمرارها في تطوير قدراتها الصاروخية، قد يضعف المظلة الأمنية الأمريكية لحلفائها في الأقليم –اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان- ويدفعهم نحو تطوير قدراتهم الذاتية لمواجهة مخاطر البيئة الأمنية المحتلمة الأمر الذي قد يقـود إلى سباق تسلح يصعب التكهن بنتائجه على الاستقرار الإقليمي وبالتـالي على دور أمريكا ومصالحها في المنطقة.

وامام هذه التحديات الإقتصادية والأمنية في شرق آسيا سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تركيز ثقل سياستها الخارجية في المنطقة في اطار “استراتيجية إعادة التوازن في شرق آسيا” التي اعلن عنها الرئيس الأمريكي “باراك اوباما” في مطلع عام 2012، التي تهدف إلى دعم الإقتصاد الأمريكي وانعاشه، فضلاً عن الحيلولة دون ظهور قوى أو تحالف يكون موجهاً ضدها أو يستهدف مصالحها، إذ تشير هذه الاستراتيجية إلى إعادة ترتيب سلم اولويات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه البيئة الدولية في ما يخص الأمن الإقتصادي والتفوق الأمريكي أكثر منه إلى تغيرات جذرية، لاسيما بعد الأزمة الإقتصادية العالمية عام 2009، وتخفيض ميزانية الانفاق العسكري، والتهديدات الأرهابية الدولية، وصعود قوة دولية آسيوية جديدة اخذت تهدد المصالح والزعامة الأمريكية العالمية على المديين القريب والمتوسط.

وقد حرصت السياسة الخارجية الأمريكية على تحقيق اهدافها في شرق آسيا بعد عام 2012، من خلال زيادة الارتباط الأمريكي سياسياً وإقتصادياً وعسكرياً مع دول شرق آسيا، وذلك عبر تعزيز التحالفات الأمنية الثنائية لاسيما مع اليابان وكوريا الجنوبية، وتعميق العلاقات مع القوى الناشئة بما في ذلك الصين بهدف التأثير في بيئتها القرارية واحتواها، والتعامل مع المؤسسات الإقليمية متعددة الأطراف، وزيادة التجارة والاستثمارات، وتوسيع الوجود العسكري على نطاق واسع، ودعم الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وتكمن أهمية هذه الدراسة في إنها تناولت منطقة إقليم شرق آسيا بقواها الفاعلة على وفق ماتمتلكه من قدرات وإمكانات في دراسة واحدة تعالج جدلية التفاعلات المعقدة فيما بينها، وتبرز دور السياسة الخارجية الأمريكية في ضبط تلك التفاعلات على نحو يضمن استمرار تفوق الدور الامريكي في مجمل تفاعلات البيئة الإقليمية لشرق آسيا.

وتوصل الباحث في دراسته إلى نتيجة مفاها أن الولايات المتحدة الأمريكية بحكم ما تملتلكه من مقومات وعناصر قوة شاملة قادرة على استثمار الفرص المتاحة لها إقتصادياً وأمنياً في شرق آسيا لبناء وتعزيز منظومة تحالفات قوية، واستعمال النفوذ والقدرات الأمريكية لرصد حركة القوى الكبرى في الإقليم والعمل على موازنة القوة الشاملة بينهما لكبح جماح احدهما الأخرى، وبالتالي التأثير في حركة التفاعلات الإقليمية بما يحافظ على مكانة الولايات المتحدة الأمريكية ودورها القيادي في شرق آسيا. ويساعدها في ذلك قبول معظم دول الإقليم للدور الأمريكي بإعتباره الضمانة الأساسية للمحافظة على استمرار الأستقرار الإقليمي .وقد منحت درجة الدكتوراه للطالب بتقدير (امتياز ) متمنين لجميع طلبتنا الموفقية والنجاح في حياتهم العلمية والعملية وذلك يوم الاحد الموافق 7/7/2019 على قاعة الحرية .

 

Comments are disabled.