ناقشت كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد اطروحة الدكتوراه الموسومة (الاخر عند الامام جعفر الصادق (علية السلام )) للطالب (نزار محمد جودة) وهدفت الاطروحة الى دراسة الدافع الذي حفز الطالب للكتابة في الموضوع الموسوم بعنوان (الآخر عند الامام جعفر الصادق(عليه السلام) ) أسباب عدة أهمها :
الأول: ماتمثله حيوية الموضوع اذ لم تطرح الدراسات والكتابات لاسيما الآخر في منظومة جعفر الصادق(عليه السلام) لاسيما أن الآخر مثار جدل وتناقض وتؤيلات مؤدلجة قائمة على التموضع السياسي لم تستطع الى اليوم الكشف عن منظومة الامام جعفر الصادق (عليه السلام) في معالجة العلاقة بين النص والواقع في النظرة للتعاطي مع المختلف دينياً وسياسياً ومذهبياً وانعكاسات ذلك على تحديات وأشكاليات الاندماج في المجتمعات المعاصرة
الثاني:محاولة بناء معطى تصوري للآخر في ضوء البعد المقاصدي لفهم النص في قبول الآخر والاعتراف بشرعيتة وفق مباني نظرية الامام جعفر الصادق(عليه السلام) تجاه الآخر لتأسيس الأمن السياسي من عمق استقرار البنية المجتمعية .
الثالث : يمثل الأمام جعفر الصادق الأمثل الاعلى للأنسانية بجميع مقوماته ومكوناتة اذ مثلت مدرستهُ سبب رئيسي في افراز العديد من الاحكام ذات الطبيعة السياسية والنظم لمعالجة الواقع الاجتماعي المتمظهر بالانقسامات الداخلية على اسس مذهبية وكلامية بفواعل سياسية .
وعليه فأن البحث ينطلق من فرضية مفادها :(أن الامام جعفر الصادق(عليه السلام) رؤية خاصة للآخر تتميز بالواقعية والتوازن اذ يوازي الأمام جعفر الصادق (عليه السلام) بين مشروع وحدة الأمة الاسلامية ، وهو مشروع مبدئي يسمو الى مرتبة تدور في فلك الاسلام العام ،وبين الواقع الذي يتجاوز المذهبيات والفرق الكلامية ويعمل على دمج التنوعات بكافة المستويات. دون محو هذة التنوعات من جهة ومن جهة اخرى يعمل على خلق سياسات مرنة في التعامل مع الانظمة السياسية من خلال التعاون بعنوان الحاجة التنظيمية الادارية دون الاقرار بشرعية رأس النظام الحاكم ).
وقد انقسمت هذة الدراسة على مقدمة ومدخل مفاهيمي اربعة فصول أساسية وخاتمة. تناولنا في المدخل الأطر المفاهمية للآخر والأمامة ضمن الرؤية القرآنية وأهم المناهج المتبعة في عرض وتوثيق المسار التأريخي لأهل البيت .
اما الفصل الأول سلطت الاضواء على دراسة مسار التأريخي لنشوء مدرسة الأمام جعفر الصادق (عليه السلام) ، من حيث النشأة العائلية وموقع الامام جعفر الصادق(عليه السلام) على مستوى النص القرآني والاشادات النبوية بشخصه ، وشهادات علماء عصره في سياق المبحث الأول .
وفي سياق المبحث الثاني تناولنا أهم ملامح عصر ماقبل تدوين الحديث والتركيز على دوافع منع تدوين الحديث النبوي وانعكاسات التدوين السياسي وموقف البخاري من الامام جعفر الصادق(عليه السلام).
اما الفصل الثاني ناقشة الدراسة صور الآخرعندالامام جعفر الصادق(عليه السلام) على المستوى السياسي والديني في أطار مبحثين ،رصد الأول تحليل مفصل لمفهوم الخلافة كمؤسسة سياسية وتداعيات واقعة السقيفة بدلالتها التأريخية واثرها في وصول العباسيين الى السلطة وآلياتهم في مواجهة مشروع الامام جعفر الصادق(عليه السلام) أما الثاني فتناول مفهوم الآخر الديني وأهم الاسس الدينية في التعامل مع الشرائع السماوية وأهم الفرق الخارجة عن الاسلام (الغلاة) وابرز دوافع نشأة هذة الفرق .
وفي الفصل الثالث تركز حول آليات التعامل مع الآخر السياسي الامام جعفر الصادق(عليه السلام) ضمن مبحثين الأول تناول مشروعية العمل السياسي مع نظام الجوروموقف الامام جعفر الصادق(عليه السلام) من ذلك النظام ، الثاني جاء لرسم صورة المعارضة وخيارات العمل السياسي عندالامام جعفر الصادق(عليه السلام) بوصفها عمل اصلاحي هادف للحفاظ على وحدة الأمة وأثر العقلانية في حركة السلوك السياسي في تحديد آلية المواجهة ورفض التصور الأحادي الخاطئ بأن المعارضة هو فعل تخريبي وقياساً على ذلك ارتسمت مواقف الامام جعفر الصادق(عليه السلام) من ثورات عصره من خلال الرؤية الظرفية للزمان والمكان وطبيعة الاستعداد وكفاءة القيادة ومستوى وعي الجماهير محددات هامة في اعطاء مشروعية العمل المسلح من عدمه .
وفي الفصل الرابع والأخير تناولت الدراسة آليات التعامل مع الآخر الديني الامام جعفر الصادق(عليه السلام) من خلال ثلاث خيارات :
الأول : التعايش القائم على اساس حرية الرأي والعقيدة المرتكزة على منطق الحوار وصيانة مقدسات الآخر الديني ضمن أطار الإخاء الانساني مما انعكس ذلك جلياً من خلال استطلاعنا لرؤية الامام جعفر الصادق(عليه السلام) المنسجمة مع روح القرآن في التأكيد على مشروعية التعددية الدينية واقراره بجواز التعبد بالاديان المذاهب انطلاقاً من الكتاب والسنة والعقل رافضاً لكل مقولات الداعية الى التمييز على أساس مذهبي او ديني .
الثاني: يعالج موقفالامام جعفر الصادق(عليه السلام) لظاهرة الارتداد وتأكيده على عدم مشروعية حكم الارتداد بالاحتكام الى المشروعية القطعية على اساس النص القرآني والعقل الاجتهادي وبذلك يرفض الامام جعفر الصادق(عليه السلام) خيارات العنف السياسي حفاظاً على أمن المجتمع .
الثالث: فقد جاء متوافق لمواجهة حالة التصدع الداخلي في الواقع الشيعي الذي عانى من ظاهرة الغلو اذ رفض الامام جعفر الصادق(عليه السلام) رفضاً قاطع هذه الظاهرة المؤسسة لشرعية الاستبداد السياسي تحت عنوان القداسة واضفاء الصفة الالهية على السلوك الانساني وبمجمل تلك المواقف للامام جعفر الصادق(عليه السلام) يمكن القول أن اقرار الامام جعفر الصادق(عليه السلام) وتأكيده على حرية الرأي والعقيدة ومشروعية الاختلاف على أساس الدليل والبرهان قد افقد العقل السياسي كل مسوغات ومشروعيات النصوص الدينية القائمة على تكفير المجتمع والاخلال بسلامته ووحدته .وقد منحت درجة الدكتوراه للطالب بتقدير (جيد جدا ) متمنين لجميع طلبتنا الموفقية والنجاح في حياتهم العلمية والعملية وذلك يوم الاربعاء الموافق 20/3/2019 على قاعة الحرية.