ناقشت كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد رسالة الماجستير( الديمقراطية الدينية في الفكر السياسي الاسلامي المعاصر ) للطالب (حسين علي صبري ) وتناولت الرسالة يطلق على نموذج النظام السياسي الذي يؤمن بسيادة الدين وسيادة الشعب أسم الديمقراطية الدينية، هذا النظام الذي يمنح الحق لجميع أبناء الشعب بالتدخل والممارسة والمشاركة في صنع القرارات السياسية والاجتماعية المصيرية، وكذلك عملية توزيع السلطة السياسية واحترام قوة مرجعية الدين في الشؤون الاجتماعية والسياسية للمجتمع الذي يؤمن ويعتقد بهذا الدين، فيكون اعتماده على محور الفقه الديني، ويعني ذلك أن الديمقراطية الدينية تعطي مجالاً واسعاً لتدخل الدين في الحياة الاجتماعية وأنها بصدد إقامة علاقات وروابط سياسية وثقافية واقتصادية للمجتمع الذي توجد فيه وتحديد مصير أبنائهُ مع الأخذ بنظر الاعتبار التعاليم الدينية بصورة عامة والقوانين والأحكام الشرعية على وجه الخصوص، هذا وقد أثارت العلاقة بين الدين والديمقراطية جدلاً واسعاً في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، حيث اختلفت وجهات النظر للكثير من الفلاسفة والمفكرين والباحثين في إمكانية التوفيق والربط بين الدين والديمقراطية على اعتبار أن الأول هو من ثوابت القانون الإلهي السماوي والثانية هي من مخرجات القانون البشري الوضعي، فظهرت لنا وجهة نظر أولى رافضة للديمقراطية وعدتها من وسائل الغرب الكافر في إدارة وحكم البشر، ووجهة نظر ثانية مؤيدة لها بشكل مطلق تدعو الى أولوية الديمقراطية على الدين، ورؤية ثالثة تدعو الى وجود تقارب بين الدين والديمقراطية وتؤكد على تطبيق الديمقراطية الدينية لأن الدين الإسلامي لا يتعارض مع مفاهيمها وأسسها في إدارة الحكم للدول الإسلامية، إذ أن الديمقراطية نظام حكم يمكن أن يحمل صفات أيديولوجية وفقاً للبيئة التي يولد وينمو فيها وبالتالي سوف تكون آليات الديمقراطية منسجمة مع البيئة التي وجدت فيها. وهذه الرؤية الأخيرة نجد لها تطبيقاً واضحاً في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فقد عرفت الديمقراطية الدينية والتي عبر عنها آخرون بالسيادة الشعبية الدينية وهو مصطلح جديد في الخطاب السياسي العالمي نشأ في مباني القيم والتعاليم الإسلامية على أن يكون للشعب الدور في تمكين الحاكم من ممارسة مهامه وأدائها وفق ما اقتضتهُ تعاليم الإسلام وأحكامه، وهنا يقوم نظام الحكم على الديمقراطية من ناحية شكلهُ وظاهرهُ وعلى الدين من حيث محتواه، فيكون الدور للشعب في تعيين الحاكم ليكون مقبولاً وقوياً. ومن هذا يتبين لنا أن الديمقراطية الدينية تنظر للإنسان من حيث هو فرد من الشعب وهو موجود وعاقل وحر في اختيارهُ للموقف الذي يراهُ من بين عدة خيارات تعرض عليه ويواجها، وبهذا فأن المعنى الأولي لمصطلح الديمقراطية هو ثبوت الحق للأمة بالمشاركة في النظام السياسي من باب التأكيد على الحق الفردي للإنسان في إدارة شؤونه والتحكم بمصيرهُ . ولغرض بحث الموضوع بالتفصيل والاسلوب العلمي المتبع وتطبيق ما جاءت به فرضية الدراسة تطلب الامر منا تقسيم الرسالة وانتظامها في ثلاثة فصول فضلاً عن المقدمة والخاتمة، إذ بحثنا في الفصل الأول الإطار المفاهيمي للديمقراطية الدينية من خلال دراسة المفهوم والنشأة لها وعرض المصطلحات المقاربة وذات الصلة بها، كما أشرنا الى نشأة الديمقراطية الدينية أثناء البحث عن الممارسات الديمقراطية في بعض الحضارات الإنسانية القديمة ذات المعتقد الديني، وعرض ملامح الديمقراطية في الأديان السماوية قبل الإسلام، وبحث ممارساتها في الديانتين اليهودية والمسيحية. وأما الفصل الثاني فقد أختص بدراسة المبادئ والمرتكزات الإسلامية للديمقراطية الدينية، خلال البحث بجذورها في الدين الإسلامي، والمبادئ التي ارتكزت عليها فيه، كما تناولت الدراسة عناصرها واهدافها. وأما الفصل الثالث من هذه الرسالة فقد تعمد فيه الباحث الى أخذ نموذج تطبيقي ودراستهُ فتم البحث في الديمقراطية الدينية للجمهورية الإسلامية الإيرانية عن طريق دراستها وبحثها في منظور ولاية الفقيه والحكومة الدينية، وكذلك عرض الثورات الدستورية التي نادت بوضع دستور ينسجم مع المجتمع وخاصيته الدينية، كما بحثنا فيه تطبيقات الديمقراطية الدينية في بعض مواد الدستور التي نصت على تطبيق المبادئ وتحقيق الأهداف لها، مع عرض المواقف الفكرية لأبرز التيارات السياسية الدينية حول ممارسة هذه النظرية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومن ثم جاءت الخاتمة في نهاية الرسالة لتبين أهم الاستنتاجات التي توصل إليها الباحث في هذه الدراسة.وقد منحت درجة الماجستير للطالب بتقدير (امتياز) متمنين لجميع طلبتنا الموفقية والنجاح في حياتهم العلمية والعملية وذلك يوم الخميس الموافق 6/02/2020 على قاعة الحرية .