ناقشت كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد رسالة الماجستير (الفكر السياسي الصيني المعاصر : دراسة في ابرز الاتجاهات الفكرية ) للطالبة (فرح أحمد عبد الكريم ) وتناولت الرسالة يعد الفكر السياسي للمجتمعات هو المحرك الرئيس للدول وانظمتها السياسية، لذلك إتت هذه الدراسة للبحث في واحدة من أهم الحضارات والدول وهي الأمة الصينية، إذ إن ماتمثله من ثقل سكاني وأقتصادي وسياسي يطرح السؤال الرئيس للدراسة وهو ماهي أبرز اتجاهات الفكر السياسي الصيني المعاصر ، وفرضية مفادها أن الفكر السياسي الصيني المعاصر يتميز بتفاعل ثلاثة عناصر هي الأرث الحضاري الفكري والتفاعل مع الإيديولوجيات العالمية, وقدرته على تكييف تلك الإيديولوجيات مع حاجات مجتمعه، وواقعه الأجتماعي والأقتصادي والسياسي منتجاً منظومة فكرية رصينة؛ ومتميزة عن الأصول المستمدة منها.
لقد ركّزت الدراسة على تتبع التحولات والتغيرات التي طرأت على الفكر السياسي الصيني المعاصر ، وقد تناولت أبرز الاتجاهات الفكرية المعاصرة في الصين، وتناولت نظريات فكرية حول العديد من القضايا التي تخص الفرد والمجتمعات البشرية والدولة، وما تركت من آثار ودلالات تطبيقية على الصين لمواجهة الفقر والتخلف.
ابتَدأت الدراسة في فصلها الاول (اصول الفكر السياسي الصيني ودراسة الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي) لِيَتِم تَنَاول الأصول العقائدية التي تمثلت في الكونفوشيوسية والطاوية والبوذية، لتقدم الأرضيّة الفكرية التي ارتكز عليها الفكر الصيني حتى القرن العشرين، فيما يخص رفاهية الشعب وتحقيق التجانس بين طبقات المجتمع الصيني، وطاعة الحكام، وتحقيق الأمن الاقتصادي، والسلام ابتداءً من الفرد حتى العالم، فضلاً عن اقتفاء وتتبع التطورات والتغييرات والتحولات على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
أما الفصل الثاني فَقَد ركز على (الاتجاه الماركسي الصيني)، من خلال تتبع الماركسية في الصين، منذ أن دخلت بصيغتها اللينينية حتى تحولت إلى ماركسية صينية تنبع من الواقع الصيني من جهة، والإرث الحضاري الفكري من جهة أخرى على يد الزعيم الصيني ماو تسي تونغ، ليقدم نظريات جديدة للماركسية، سواء أعلى صعيد الدولة أم الشعب أم جدلية المتناقضات, وما يكمن في تفاعلها وتعايشها لينشأ ظواهر جديدة، وليكمل مسيرة ماو عدد من القياديين الصينيين بدءً بـ دينغ شياو بينغ, وجيانغ تسه مين, وهاو جين تاو, إلى الرئيس الصيني الحالي شي جين بينغ، لتكون الماركسية الصينية مترابطة متداخلة متجانسة كوحدة فكرية واحدة، لتقديم نظريات مطورة عن الشعب والاقتصاد السياسي، والحزب والدولة، لتختم نظرياتها بتحولها من نظريات على الصعيد الداخلي إلى نظرية ذات أبعاد عالمية لتحقيق الحلم الصيني الذي يرتكز على السلام الإنساني للعالم كافة واعتباره مسؤولية حتمية على الصين.
في حين ركز الفصل الثالث على (الاتجاه الليبرالي الصيني والطروحات السياسية للدالاي لاما)، وقد ركز الجزء الاول منه، على جذور الليبرالية في الصين، والتي انقسمت لآراء متباينة فمنهم من عَّدها عائدة للأصول الفكرية القديمة، ومنهم من عدها تياراً فكرياً انتقل إلى الصين بعدة طرق، فضلاً عن تتبع ظهور الحركات الليبرالية في الصين، ناهيك عن الرؤية الفكرية التي قدمتها الليبرالية المعاصرة في الصين، والجزء الثاني من الفصل ركز على الطروحات السياسية التي قدمها الدالاي لاما، لاسيما في معضلة التبت التي تعَّد نقطة خلاف بين الصين والمجتمع الدولي بشكل عام، فضلاً عن تقديمه لبديل أيديولوجي عن دكتاتورية الحزب الواحد في الصين، فضلا عن تقديم لنظريات على صعيد عالمي لتحقيق السلام لتحقيق أمن الفرد والدول التي تعد قضايا أزلية لتحقيق السلام الإنساني لبناء مستقبل أفضل للبشرية. لتختتم الدراسة بمجموعة من الاستنتاجات، أهمها أن الفكر السياسي الصيني المعاصر أستمد أصوله من أيديولوجيات و أطروحات سياسية قديمة، وعالمية معاصرة ليمزجها بنموذج فكري أستطاع التكييف، وأن يطور الواقع الصيني بنجاح .وقد منحت درجة الماجستير للطالبة بتقدير (جيد جدا عالي) متمنين لجميع طلبتنا الموفقية والنجاح في حياتهم العلمية والعملية وذلك يوم الثلاثاء الموافق 14/12/2021 على قاعة جهاد الحسني.

Comments are disabled.