ناقشت كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد اطروحة الدكتوراة (صعود اليمين الشعبوي وتاثيره في الراي العام في الولايات المتحدة الامريكية الرئيس ترامب انموذجا ) للطالب (اسامة صبحي عبد ) وتناولت الاطروحة سعى الباحث جاهداً من توضيح الأسباب التي أدت إلى صعود اليمين الشعبوي، ويجاد تعريف واضح ومحدد للشعبوية، فوجد أن الشعبوية توصف بأنها ظاهرة سياسية واسعة الانتشار، لكنها مثيرة للجدل إلى حد كبير، ولا تقتصر على دولة معينة دون غيرها، وتقوم على تقسيم المجتمع على مجموعتين متجانستين، ومتعاديتين هما “نحن” الشعب النقي، و “هم” النخبة الفاسدة.
وتعود نشأة الشعبوية إلى القرن التاسع عشر، حين بدأت نزعتها في كلاً من روسيا القيصرية، والولايات المتحدة الأمريكية، وكانت في الأصل تُطلق على حركة زراعية لها ميول اشتراكية سعت لتحرير الفلاحين الروس، وتزامنت مع تنظيم احتجاجات في الريف الأميركي موجهة ضد المصارف وشركات السكك الحديدية، وفي منتصف القرن العشرين أخذ المصطلح صبغة يمينية قومية، منتشرة، ومؤثرة تأثيراً متزايداً في أوروبا، ومنذ بداية القرن الحادي والعشرين، بدأت ملامح صعود التيارات الشعبوية على نحو متزايد، إذ أصبح يتردد مصطلح اليمين الشعبوي في المنابر الإعلامية عند كل عملية إقتراع تجري في دول العالم، وبرزت ظاهرة اليمين الشعبوي بقوة بعد إنتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية عام 2016.
إنّ اليمين الشعبوي لم يكن ظاهرة جديدة في النظام السياسي الأمريكي ولا في الأنظمة السياسية الغربية، وإنما ترجع جذوره إلى تصاعد المد القومي داخل مجتمعات تلك النظم، لا سيما مع صعود الكثير من الشعبويين الذين يعود نجاحهم السياسي إلى مقارباتهم الشعبوية، لذلك أتخذت الشعبوية صوراً مختلفة من أجل كسب الرأي العام، لا سيما في أوقات الكوارث، والأزمات الاقتصادية، والاضطرابات السياسية، وبسبب تنوع سياقاتها التاريخية والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، التي تواجدت بها.
إن الخطاب الشعبوي أصبح له تأثير في الرأي العام في الكثير من البلدان ذات النظم الديمقراطية، لا سيما تلك الذي تتسم بالقضايا المجتمعية المعقدة، فيقوم الزعيم، أو قائد شعبوي الذي يحظى بكاريزما، بتوجيه الرأي العام، لأنهم غالباً ما يمتازون بالقدرة على معرفة توجه الرأي العام، ومعرفة مشاعر، وأحاسيس الناس، ويعدون أنفسهم هم الصوت الوطني الأصيل، وممثلي المواطنين العاديين أو من يسمونهم “الطبقات المنسية” لذلك نجد القائد أو الزعيم الشعبوي يتكلم دائماً في موضوعات هي من أحاسيس الرأي العام أو في مشكلات تشغل فكر الناس، وحينما يصل الزعيم إلى درجة يكون فيها محبوباً من الشعب فإنه يصبح أداة قوية في تغيير إتجاهات الناس، والتأثير فيهم وتكوين الرأي العام.
​إنَّ صعود اليمين الشعبوي في الولايات المتحدة الأمريكية هو ليس وليد الصدفة، وإنما تعود جذوره إلى منتصف القرن التاسع عشر حين ظهرت حركات إحتجاجية في المناطق الريفية موجهة ضد المصارف وشركات السكك الحديدية، وقد مثّلها حزب الشعب عام1891، ومنذ البداية جاء الخطاب الشعبوي الأمريكي معتمداً على معارضة النفوذ المتزايد للنخبة السياسية والاقتصادية والثقافية، ومثلت تلك المعارضة بصورة كبيرة خطاب القوى المحافظة، وجماعات اليمين الشعبوي منذ عشرينيات القرن العشرين.
وعرفت الولايات المتحدة الأمريكية شخصيات شعبوية يمينية من أبرزهم (جوزيف مكارثى) وحاكم ولاية ألاباما (جورج وألاس)، و(كيفين فيليبس) أحد مخططي حملة (ريتشارد نيكسون) الرئاسية في 1968، ومروراً (برونالد ريغان) في ثمانينيات القرن الماضي، أما في بداية القرن الحادي والعشرين، بدأت ملامح صعود التيارات الشعبوية على نحو متزايد، إذ ظهرت حركة «حزب الشاي» التي اعتمدت على خطاب شعبوي يميني، وتجمع حولها القوى المتشددة، والمحافظة من الحزب الجمهوري، كما أسهم وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض، الذي يعد أول رئيس من ذوي البشرة السمراء يصل إلى هذا المنصب، إلى زيادة حدة الخطاب الشعبوي، وأصبح مصطلح اليمين الشعبوي يتردد بشكل كبير في الوسط الإعلامي عند كل عملية إقتراع تجرى في دول العالم، بدءاً من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، مروراً بحملة دونالد ترامب وانتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية عام 2016.
​ويُعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 نقطة تحول بالغة الأهمية وحدثاً سياسياً غير مسبوق في الولايات المتحدة الأمريكية، فمنذ وصوله للبيت الأبيض إزدادت النزاعات العرقية والثقافية في الداخل الأمريكي على خلفية قضايا تتعلق بالهوية، وتفوق العرق الأبيض، وقد أظهرت السياسات الشعبوية التي اتبعها ترامب في إدارته التزاماً جاداً بالشعبوية سواء تعلق الأمر بالشأن الداخلي، أم في السياسة الخارجية.
وتوصلت الدراسة إلى إن (دونالد ترامب) لن يكون آخر رئيس شعبوي غير تقليدي في الولايات المتحدة الأمريكية، بل يمكن أن تظهر شخصيات شعبوية غيره، لكن سيظل شخصية مهيمنة على الحركات الشعبوية المحافظة لسنوات قادمة، ومن المحتمل أن يرجع في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، ويمكن أن يصبح للترامبية تأثيرات عميقة في تيار اليمين الشعبوي المحافظ في أمريكا “كالريغانية أو الجاكسونية”، لان أكثر من 72 مليون أميركي ما زالوا يدلون بأصواتهم لترامب.وقد منحت درجة الدكتوراه للطالب بتقدير (جيد جدا عالي) متمنين لجميع طلبتنا الموفقية والنجاح في حياتهم العلمية والعملية وذلك يوم الاحد الموافق 19/6/2022 على قاعة الحرية .

Comments are disabled.