نظمت كلية العلوم السياسية – جامعة بغداد، على قاعة الدكتور جهاد الحسني، ورشة علمية متخصصة بعنوان: “دور الأمن الوطني العراقي في تعزيز السلم الأهلي”، بإشراف قسم الفكر السياسي، وشارك فيها نخبة من تدريسيي القسم، من بينهم: م.د عالية عبد الأمير عبد المجيد، م.د صبا فاروق خضر، وأ.م.د أحمد محمد علي، رئيس القسم، الذي أشرف على إدارة الجلسة.
واستهدفت الورشة، تسليط الضوء على الدور الحيوي لجهاز الأمن الوطني في دعم استقرار المجتمع وبناء الدولة، من خلال وضع استراتيجيات فعّالة للوقاية من التهديدات الداخلية والخارجية، مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، ومعالجة النزاعات المجتمعية قبل تفاقمها. كما ركّزت على تعزيز قيم التعايش السلمي من خلال التنسيق مع المؤسسات الحكومية والمدنية، نشر الوعي الوطني، تقوية الروابط بين مكونات المجتمع، وترسيخ سيادة القانون، بما يسهم في حماية الحقوق والحريات وبناء الثقة بين المواطن والدولة، وتعزيز المصالحة الوطنية لتحقيق السلم الأهلي المستدام.
وشددت الورشة على أهمية الرؤية الشاملة للأمن الوطني، التي لا تقتصر على الجانب الأمني فحسب، بل تشمل معالجة العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي تؤثر في الاستقرار المجتمعي. وأكد المشاركون أن الاستثمار في بناء مؤسسات الدولة القوية والشفافة، ودعم منظمات المجتمع المدني، وتعزيز المشاركة الفاعلة للشباب والمرأة، يمثل أساسًا لتحقيق بيئة سلمية مستدامة ومجتمعًا متماسكًا.
وقدمت الورشة مجموعة من التوصيات العملية، أهمها:
1. تعزيز استقلال القضاء وتطبيق القانون على الجميع لضمان العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، مما يقلل من النزاعات والصراعات.
2. إطلاق مبادرات حوار شاملة بين مختلف مكونات المجتمع العراقي لحل الخلافات التاريخية، وتعزيز التسامح وبناء الثقة المتبادلة.
3. تطوير مؤسسات الدولة لتكون قوية وشفافة بعيدًا عن المحاصصة الطائفية، مع تفعيل دور الشباب والمرأة في صنع القرار لضمان التمثيل العادل لجميع الفئات.
4. دعم منظمات المجتمع المدني وتشجيعها على المشاركة في عمليات بناء السلام، ونشر ثقافة التسامح وحل النزاعات المحلية.
كما تم ربط هذه التوصيات بأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، حيث تسهم هذه الأهداف في معالجة الأسباب الجذرية للصراعات وتعزيز الأمن الوطني والسلم الأهلي:
• الهدف 1: القضاء على الفقر من خلال برامج اقتصادية توفر فرص عمل، دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتقديم قروض ميسرة للشباب للحد من البطالة والفقر، وهما من أبرز العوامل التي تغذي عدم الاستقرار.
• الهدف 4: التعليم الجيد عبر مراجعة وتطوير المناهج التعليمية لتعزيز قيم التسامح والقبول بالآخر، وتقوية الهوية الوطنية المشتركة، بما يهيئ جيلًا واعيًا ومدركًا لأهمية التعايش السلمي.
• الهدف 5: المساواة بين الجنسين عبر تمكين المرأة اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا، وتعزيز مشاركتها في عمليات بناء السلام والمصالحة لتعزيز فاعلية الجهود الوطنية.
• الهدف 16: السلام والعدل والمؤسسات القوية من خلال تعزيز كفاءة وشفافية المؤسسات الأمنية والسيادية، مكافحة الفساد، وضمان مساءلة المؤسسات لضمان استدامة الأمن والسلم الأهلي.
وأكدت إدارة الورشة أن هذه الفعالية تمثل نموذجًا عمليًا لتكامل الجهود الأكاديمية والمؤسسية في دعم الأمن الوطني وبناء بيئة سلمية ومستقرة، كما تعكس التزام كلية العلوم السياسية بدورها في تعزيز التنمية المستدامة، وبناء مؤسسات الدولة الحديثة الفعّالة، وتطوير قدرات الكوادر التدريسية والإدارية لتحقيق السلام الاجتماعي والمصالحة الوطنية.



