ناقشت كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد اطروحة الدكتوراه (إشكاليات الطاعة والخروج في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر ) للطالب (حسن هادي رشيد ) حملت الاطروحة عنوان “اشكاليات الطاعة والخروج في الفكر السياسي الاسلامي المعاصر”، واذ تم تحديده بالمعاصر الا ان الموضوع لا يمكن ان يبحث دون الرجوع لمصادر التشريع في هذين الموضوعين، فكان تبيان ذلك في القرآن والسنة فضلا عن اقوال السابقين لما لها من تأثير كبير على المعاصرين، ينبني موضوع الطاعة والخروج، على اشكاليات فكرية لاختلاف الرؤى الفكرية لمن بحث في هذا الموضوع ففريق يرى ان ولاة الامر فوضوا من الله سبحانه وتعالى، فيما يرى اخرين ان الامة هي من منحتهم الشرعية، وهي من لها حق تنصيبهم وعزلهم، الا ان الامر لم يكن دائما بهذه الصورة، فلا فريق النص بقي ملتزم به بل نجده قد اتجه للشورى ولحق الامة او من يمثلها من العلماء ان يختاروا “ولي الامر الاعلى”، فيما اتبع فريق الشورى ذاته عن هذا النهج وليبرر كل طريقة تولية وان تمت بالتغلب، مع ان قسم من هذا الفريق يرفض الخروج، ولكنه يرى ان استتب له الامور فيكون قد حصل على شرعيته وتوجب له الطاعة ولا يجب الخروج عليه، واعتبر المتغلب مساوي لشرعية من تولى بالشورى.
وهكذا فرضت كيفية الطاعة والخروج تحديد كيفية ينال ولي الامر شرعيته، وظهرت لنا اشكالية، هل اطلاق لفظ “ولي الامر” على كل من يحكم شعب مسلم هو “ولي امر” ام يجب ان يطلق عليه “حاكم سلطان رئيس جمهوري” كي لا يمنح الشرعية والمشروعية وفق الشريعة، اي اذا اطلق عليه هذا اللفظ يعني ان يمارس الحكم دون رادع له، وآيا كان اللفظ فان البعض يرون انه توجب له الطاعة وان جار وان ظلم، وكل ذلك في ظل وجود نصوص كثيرة تؤكد على ان الطاعة تكون بالمعروف ومن غير معصية، ومنها تتبين مشروعيته في مدى التزامه بهاذين الاصلين والحكم بما انزل الله وان لا يخالفه بشيء، ويدخل ان لم يحكم بما انزل الله بكونه من الحكام الجائرين والظلمة فالشرع واحد وتجاوزه باي شيء هو ظلم وجور، واذ كان البعض قد حدد الشرعية بالتولية بالنص من الله ورسوله وللمعاصرين من يتبع نهج الائمة ويلتزم بخطهم العقائدي فهو واجب الطاعة، ويعد غيره من حكام الجور الذين لا تجب طاعتهم الا تقية، بل ويجب الخروج عليهم.
وهذا بخلاف الاخرين ممن فصلوا بالشرعية التي تمنح لولاة الامر وجعلوها لأربع انواع وفق تعدد طرق التولية، وان اعتبرت عند بعضهم كلها شرعية وان كان اضطرارا فقبول بها، ومن هذه النقطة منحت المشروعية من بعضهم للكل وبان يمارسوا مسؤولياتهم وان جاروا وظلموا، وان كان الانقسام غير واضح في مسالة لاعتماد الطاعة لهم لمن منحت شرعيته بالاضطرار اعتمادا على حالهم بعد التولية، الا ان الاختلاف الكبير وقع في استمرار مشروعيتهم ان جاروا وان ظلموا، فافترقوا الى فريقين وقسموا هذه المسالة لقسمين: الاول ما يتعلق بالخروج ان لم يحكم بما انزل الله، والثانية ان جار وان ظلم، واذا كان الاتفاق يمكن تلمسه في الحالة الاولى، الا ان الاختلاف تجسد بشكل واضح في الحالة الثانية، وان كان كل فريق منهم قد اعتمد على ما يراه من نصوص تدعم فكرته، الا ان الاختلاف كان اكثر من اعتماد النصوص؛ ذلك لان الكل دون استثناء اعتمدا على عقائدهم ومذاهبهم الفكرية والدينية في التعامل مع قضية الطاعة الخروج على ولاة الامر من عدمه.
وتتجسد الاشكالية بالتوقف عن تطبيق “الامر بالمعروف والنهي عن المنكر” فهو كما اتضح معنا كان فرض كبقية الفروض، وهو حلقة الوصل وتمام العلاقة بين ولاة الامر والامة، وبتجاوزه فقد وضع الامة بخيارين لا ثالث لهم اما طاعته وان جار وان ظلم، واما الخروج، وان عمت الفتنة والفوضى واريقت الدماء، وهذه النقطة ذاتها التي جعلت البعض يرى سبباً ليرى ان الخروج محرم، واذا استند البعض بانه تم بالإجماع وهو ما لم يصح لعديد الادلة التي تم بيانها.وقد منحت درجة الدكتوراه للطالب بتقدير (جيد جداً) متمنين لجميع طلبتنا الموفقية والنجاح في حياتهم العلمية والعملية وذلك يوم الثلاثاء الموافق 9/7/2019 على قاعة الحرية .