ناقشت كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد رسالة الماجستير( اثر المتغير الامني في العلاقات العراقية السعودية بعد عام 2003) للطالب (قيس عبد بخيت ) وتناولت الرسالة أخذ متغيّر الأمن حيزاً واسعاً في المدرك العراقي والسعودي، ولعب دوراً كبيرا في العلاقات العراقية السعودية طوال العقود الماضية، ليؤثر بذلك على توجهات صناع القرار الداخلي والخارجي لكلا البلدين، للحدّ الذي أصبح فيه المتحكم الأول في علاقة الطرفين والموجه الأساسي لمساراتها. في الواقع، شهدت العلاقات العراقية السعودية تفاوتاً ملحوظاً من حيث القوة أو الفتور, ولفترات زمنية مختلفة. إذ بقيت هذه العلاقات غير مستقرة واتسمت بالريبة والحذر المتبادل، فضلاً عن التقارب والتباعد المتعاقِب، ولأسباب مختلفة ذات جذور تأريخيه بالدرجة الأولى.
جاء التقارب الأهم بين الدولتين في نهاية عقد السبعينيات وطوال عقد الثمانينات. وهي الفترة التي اندلعت خلالها الثورة الاسلامية في إيران ووقعت فيها الحرب العراقية الإيرانية. حيث وقفت السعودية الى جانب العراق، ودعمت نظامه السياسي السابق خلال سنوات الحرب بهدف تحجيم المدّ الثوري الإيراني, بعدها وقع التباعد بين البدلين – في مطلع عقد التسعينيات – إثر غزو النظام العراقي السابق للكويت، الأمر الذي انعكس بصورة سلبية وحادّة على العلاقات العراقية السعودية. وبالتالي، على فاعلية النظام الامني الخليجي ككل، والذي أخذ يعتمد وبنحو متزايد على الوجود الامريكي في المنطقة.
تُوّجت حالة القطيعة بين البلدين بدعم السعودية للحرب ضد العراق (عام 2003)، وما ترتب عليها من احتلال امريكي للبلد، وهو ما قاد الى تعزيز حالة الاختلال في معادلة التوازن الأمني للمنطقة. تسبب هذا الوضع في تحويل العراق الى ساحة هشّة للتنافس والصراع بين القوى الاقليمية والدولية. وكان لذلك بالطبع اثراً بارزاً على الملف الامني في علاقات العراق مع السعودية، والتي باتت مرهونة الى حد كبير بمخرجات البيئة الاقليمية والدولية الجديدة.
في هذه الفترة – والتي عملت الدراسة على تغطيتها بشكل رئيسي – بدأت العلاقات بين الطرفين تشهد انفتاحاً تدريجياً رغم اتسامها بالتذبذب والتردد وعدم الجدية. مع ذلك، اكتسب هذا التقارب اهمية خاصة، عكست الثقل الذي تشكله كلتا الدولتين في منطقة المشرق العربي، بوصفهما حواضن إقليمية محورية للتفاعلات السياسية والجيوبوليتيكية.
تمثلت أهمية هذه الدراسة في تركيزها على دور متغيّر الأمن – تحديداً – في تشكيل وتوجيه العلاقة بين البلدين. وبالرغم من تناول الكثير من الدراسات للعلاقات العراقية السعودية، وعلى مختلف المستويات، الاّ انها لم تولِ لمتغير الأمن الاهمية التي يستحقها بوصفه منطلق أساسي لتحديد نوع وطبيعة علاقات الطرفين والتحكم في مساراتها… طرحت الدراسة تساؤلاً اساسياً مفاده (ما مدى تاثير المتغير الامني في صياغة وتشكيل العلاقات العراقية السعودية بعد العام 2003؟). وتبعاً لذلك، قدّمت فرضية فحواها (إذا ما استمر عدم الاستقرار الأمني والسياسي – فضلاً عن التنافس الاقليمي والدولي – في المنطقة، سيبقى المتغير الأمني في صدارة المتغيرات المؤثرة على العلاقات العراقية السعودية).
بالاستناد الى ذلك جاءت الدراسة في ثلاثة فصول. تناول الفصل الأول (الامن في المدرك العراقي والسعودي) وتوزع على ثلاثة مباحث. الأول حول (التأصيل النظري لمفهوم الأمن)، والثاني عن (الامن في المدرك العراقي)، والثالث عن (الامن في المدرك السعودي)
بحث الفصل الثاني مضمون المتغيرات المؤثرة في الجانب الامني للعلاقات العراقية السعودية بعد العام 2003، واحتوى على ثلاثة مباحث. الأول غطّى (المتغيرات الداخلية وتأثيرها على الجانب الامني في العلاقات بين البلدين)، والثاني درس (المتغيرات الإقليمية وتأثيرها على الجانب الامني في العلاقات بين البلدين). والثالث تطرق الى (المتغيرات الدولية وتأثيرها في الجانب الامني للعلاقات العراقية السعودية بعد العام 2003).
أما الفصل الثالث فقد كًرِسَ لاستشراف أثر المتغير الامني في صياغة مستقبل العلاقات العراقية السعودية، وتم تقسيمه الى مبحثين. الأول هو ((مشهد التطور)) والذي بحث (الدور المحتمل للمتغير الامني في استقرار وتطور العلاقات العراقية السعوديةْ المستقبلية)، والثاني هو ((مشهد التراجع)) الذي استعرض (الدور المحتمل للمتغير الامني في تراجع أو عدم استقرار العلاقات العراقية السعودية المستقبلية).
اختتمت الدراسة بعد ذلك بعرض موجز لمضمون الرسالة، وطرح لعدد من الاستنتاجات والتوصيات تخص الموضوع الذي جرى بحثه في الفصول السابقة.وقد منحت درجة الماجستير للطالب بتقدير (جيد جدا عالي) متمنين لجميع طلبتنا الموفقية والنجاح في حياتهم العلمية والعملية وذلك يوم الاثنين الموافق 27/01/2020 على قاعة الحرية .