ناقشت كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد اطروحة الدكتوراه ( دبلوماسية التحالفات ودرها في توازنات الشرق الاوسط بعد 2011 ) للطالب (ايهاب كريم محمد ) وتناولت الاطروحة دراسة الدبلوماسية التي تعد ظاهرة قديمة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ الإنساني، حيث كانت تتخذ فيما مضى أشكالاً بدائية، وكانت تفتقر الى التقنين والوضوح، ويغلب عليها نمط التمثيل الدبلوماسي المؤقت, وأخذت الدبلوماسية تتطور مع بدء تطور النظام الدولي والعلاقات الدولية منذ أوائل القرن التاسع عشر، وبالذات عقب مؤتمر فيينا عام 1815، الذي صدرت عنه معاهدة أشتملت على تحديد واضح للعمل الدبلوماسي، وبعد ذلك بدء التوسع في نطاق التمثيل الدبلوماسي وأصبح أكثر تنظيماً وشمولاً.
الدبلوماسية أداة رئيسة من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية للدول، فهي حلقة الاتصال المحورية بين الدولة والعالم الخارجي, وهي لغة الحوار وأداة التواصل المباشرة مع الآخر للتعريف بالذات، والدفاع عن القضايا، وخلق حالة ثقافة وسلام ونشاءة تحالفات تتحقق في ظلها مصالح الجميع، والحفاظ على صورة حسنة وغير مشوهة في الخارج، وتصحيح الاوهام والتصورات الزائفة، وتسعى الدبلوماسية إلى تعظيم الاستفادة المشتركة، وإقامة علاقات صحيحة وودية وبناء الجسور للتواصل بين الحكومات والشعوب، وتغليب الوفاق والاتفاق وتقليص الاختلاف والخلاف وتسويته من خلال التفاهم, وقد أصبح العمل الدبلوماسي أكثر أهمية في عالمنا المعاصر من أي وقت آخر، وبخاصة مع تداخل المصالح والروابط المجتمعية عبر القارات، وانكماش العالم نتيجة ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الهائلة التي شهدها، خلال السنوات الاخيرة من القرن العشرين، والتي أدت إلى إحداث تغييرات جذرية في عملية الاتصال بين الدول, إذ تحول العالم الذي تسارعت فيه التطورات والتفاعلات نتيجة هذه الثورة التكنولوجية وخصوصا في ادارة ازمات منطقة الشرق الاوسط بعد عام 2011 واثرها على التوازنات الدولية والاقليمية، إلى عالم جديد غير الذي كان عليه، فخصائص الكيانات السياسية تبدلت، وسيادة الدول تضاءلت، والمسافات بين الامم تقلصت والحواجز أزيلت، ولم يعد بإمكان دول العالم، بما فيها الدول الكبرى والقوى الاقليمية من حماية حدودها وكياناتها من التأثيرات الخارجية.
وفي ضوء ما تقدم يمكن القول، أن الدبلوماسية مثل معظم الظواهر البشرية الأخرى، تتصف بالحركة والتطور لتكيف نفسها مع متطلبات العصر المتغيرة، لذا فهي نتاج نمو المجتمع الدولي، فقد تأثرت ولاتزال تتأثر بحجم التفاعلات الدولية، وبالطبيعة المعقدة للقضايا الدولية، وكثافة الاعتمادية المتبادلة بين أعضاء المجتمع الدولي، وبالثورة الهائلة في مجال التقدم العلمي والتكنولوجي في مختلف الميادين بما يتوائم مع طبيعة التوازنات الدولية والاقليمية وخاصتا في منطقة الشرق الاوسط وكثرة الازمات فيها بعد عام 2011.
تكمن أهمية الدراسة في طبيعة الموضوع الذي نعالجه، فموضوع دبلوماسية التحالفات ودورها في رسم توازنات منطقة الشرق الاوسط بعد 2011 من المواضيع التي تطرح نفسها بقوة في المرحلة الراهنة، ففي ظل ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الهائلة وفي ظل تطبيقات العولمة شهدت العلاقات الدولية والدبلوماسية كثيراً من عمليات الاندماج والتفكيك، وأصبح هناك تزايد في عدد الفاعلين الدوليين حيث لم تعد الدول هي الفاعل الوحيد والرئيس على الساحة الدولية، فضلاً عن ما أحدثته التطورات في الساحة الدولية من تأثير في طبيعة وشكل هذه العلاقات وتطورها وعلاقة ذلك كله بتزايد الاهتمام العالمي بما اصطلح على تسميته بالمشكلات الإنسانية المشتركة.
ولذلك ستكشف هذه الدراسة عن كيفيّة تعامل احدى ادوات السياسة الخارجة وهي دبلوماسية التحالفات مع مشكلات المنطقة المستعصية والمزمنة، ومحاولتها لعب دور بارزفي رسم التوازنات، وهي الأدوات ذات الفاعلية، والتأثير في المنطقة بحكمما يترتب عليها من تحالفات وشراكات، وبحكم عوامل الجوار الجغرافي، والعلاقات التاريخية،والحضارية، وبحكم مواقفها الإيجابية تجاه بعض قضايا المنطقة، ولحقب معيّنة من تاريخها السياسي في المنطقة. وقد منحت درجة الدكتوراه للطالب بتقدير (امتياز) متمنين لجميع طلبتنا الموفقية والنجاح في حياتهم العلمية والعملية وذلك يوم الثلاثاء الموافق 18/02/2020 على قاعة الحرية .