ناقشت كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد رسالة الماجستير (توظـــيف المجـــــال الحيــــــوي فـــــي الادراك الاستراتيجـــــي الروســــــي بعـــــــد عـــــــــــام 2000 ) للطالب ( نـــــــورالدين عبدالله نايـــــــــــــف ) وتناولت الرسالة تعد دراسة المجال الحيوي لأية دولة من المواضيع ذات الاهمية في مجال الدراسات الاستراتيجية والدولية ولاسيما اذا تعلق الموضوع بأمن قومي لدولة كبرى ذات طموحات عالمية وذات وزن وثقل كبير في النظام الدولي، مثل روسيا الاتحادية، وتعد روسيا الاتحادية إحدى أهم القوى الدولية الأساسية على المسرح الدولي، وتمتلك مجموعة من عوامل القدرة التي تؤهلها للقيام بالدور الأساس في المجتمع الدولي والتوجه إلى مجالها الحيوي، فهي تعد أكبر الجمهوريات المستقلة من حيث مساحتها وسكانها والناتج القومي والقوة العسكرية؛ لذا تسعى عن طريقها إلى الحفاظ على مركزها كقوة كبرى خلال ما تبدي من درجة يعتد بها من الاستقلالية في مواقفها الدولية.
ومنذ بداية تسعينيات القرن الماضي شهد المجال الحيوي الروسي فراغاً استراتيجياً شجع العديد من القوى الاقليمية والدولية لملئ ذلك الفراغ، نظراً للمزايا الجيوبوليتيكية الذي كان يتصف بها ذلك المجال، إذ انّ قوانين التاريخ تثبت القوه السياسية الطامحة تسعى دائماً إلى ملء الفراغات الجيوبوليتيكية، وخاصة المجاورة لها وحتى البعيدة ذات القيمة الاستراتيجية العُليا، ولربما لم يعرف التاريخ دولة كروسيا فُتنت بالتوسع الجغرافي والتمدد الجيوسياسي من أجل والحفاظ على مكانتها الدولية كقوى كبرى عبر التاريخ، فهذه الدولة بدلت حدودها عـدة مرات، في كل مرة كانت روسيا تتقدم إلى مناطق أكثر عمقا وتتماس مع شعوب وحضارات مختلفة، واليوم تسعى روسيا إلى الحفـاظ علـى مركزهـا التقليدي كقوة كبرى، اذ يُعد مجالها الحيوي أهـم المناطق لتحقيق المصالح والأهداف الروسية، خاصة وأنه يتميز بخصائص جيوبولتيكية، وعن طريق النماذج التطبيقية تُعد هاتين المنطقتين (القوقاز، واوروبا الشرقية) ذات مكانة حيوية في الادراك الاستراتيجي الروسي إذ تمتاز عن باقي المناطق التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي، هذا التميز الجيويولتيكي جعل روسيا تهتم بهاتين المنطقتين وتؤكد شواهد التاريخ على محاولاتها للسيطرة في هذه المنطقة، كما يؤكد الواقـع أن محاولاتها لا تزال قائمة للهيمنة هناك حتى بعد استقلال دول المنطقة، لأجل مصالح جيوسياسية ومصالح جيواقتصادية متشابكة .
ومن هنا تأتي أهمية دراسة موضوعنا الموسوم بـ(توظيف المجال الحيوي في الادراك الاستراتيجي الروسي بعد عام 2000)، الذي سوف يركز هذا البحث على دراسته بشيء من التفصيل، انطلاقاً من تفكك الاتحاد السوفيتي والتغيرات التي شهدتها روسيا الاتحادية بعد عام 2000، ومدى الادراك الروسي لهذه التغيرات وطبيعة تأثيرها في مجالها الحيوي، وعليه ستقوم هذه الدراسة باستعراض واضح وتحليل متسق لماهية المدركات الروسية للتهديدات التي افرزتها هذه التغيرات في مجالها الحيوي، وماهية الاستراتيجيات الروسية لمواجهتها، ابتداءً بمقدمة توضح أهمية دراسة الموضوع وإشكالية يسعى البحث الى حلها فضلاً عن فرضية سيعمل على التحقق منها واثباتها عن طريق خطة علمية تتمثل بثلاثة فصول رئيسة يركز فيها كل فصل على ركن مهم من أركان البحث.
اذ يُركز الفصل الأول على مفهوم المجال الحيوي في مبحثين أساسية يتناول المبحث الاول رؤية عامة عن تطور مفهوم الجيوبولتيك والنظريات ذات العلاقة، وأما المبحث الثاني فيتناول مراحل تطور المجال الحيوي وعلاقته بالتوظيف الاستراتيجي. واما الفصل الثاني فيتناول فكرة المجال الحيوي في الادراك الاستراتيجي الروسي وذلك في مبحثين رئيسين يتعلق المبحث الاول بالأصول الفكرية ومبادئه الجيوبولتيكية لنشأة المجال الحيوي في الادراك الاستراتيجي الروسي، فيما يتناول المبحث الثاني المتغيرات الاستراتيجية وأثرها على تطور فكرة المجال الحيوي في الادراك الاستراتيجي الروسي. اما الفصل الثالث سيتطرق للنماذج التطبيقية ومستقبل توظيف المجال الحيوي في الادراك الاستراتيجي الروسي وذلك في ثلاثة مباحث اساسية، يتناول المبحث الأول الازمة الجورجية لعام 2008 والثاني الازمة الاوكرانية لعام 2014 واخيرا يأتي المبحث الثالث لاستعراض مشاهد مستقبلية لمستقبل توظيف المجال الحيوي في الادراك الاستراتيجي الروسي وفق ثلاث مشاهد. وختاماً سينتهي البحث بخاتمة وبجملة من الاستنتاجات التي تم التوصل اليها خلاصة لدراستنا لموضوع توظيف المجال الحيوي في الادراك الاستراتيجي الروسي.وقد منحت درجة الماجستير للطالب بتقدير (امتياز )متمنين لجميع طلبتنا الموفقية والنجاح في حياتهم العلمية والعملية وذلك يوم الثلاثاء الموافق 2/3/2021 على قاعة الحرية.